د. صفاء السويعدي
شهر ربيع الأول وهو الشهر الثالث من الشهور العربية بعد شهر صفر الخير وقد أقبلت معه أنوار مولد الحبيب المصطفى محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فتزين الوجود بأنواره ، ولذلك سماه بعض العلماء بشهر ربيع الأنوار ، لما أكرمنا الله فيه من أنوار وبركات النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
شهر ربيع الأول سمي بهذا الإسم نحو عام 412 ميلاديًا في عهد كلاب بن مُرّة جدّ الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله لأمه .
قال الجوهري في الصحاح : ” الربيع عند العرب ربيعان : ربيع الشهور ، وربيع الأزمنة .
فربيع الشهور شهران : بعد صفر ولا يقال فيه إلا شهر ربيع الأول ، وشهر ربيع الآخر .
وأما ربيع الأزمنة فربيعان : الربيع الأول ، وهو الفصل الذي تأتى فيه الكمأة والنور ، وهو ربيع الكلأ ، والربيع الثاني وهو الفصل الذي تدرك فيه الثمار . وفى الناس من يسميه الربيع الأول ” .
كان أبو الغوث يقول : ” العرب تجعل السنة ستة أزمنة : شهران منها الربيع الأول ، وشهران صيف ، وشهران قيظ ، وشهران الربيع الثاني ، وشهران خريف ، وشهران شتاء”.
عرف العرب ثلاث مراحل من أسماء الشهور قبل أن تستقر على أسمائها التي تعرف بها حاليًا حوالي مطلع القرن الخامس الميلادي ؛ ومن ضمن ذلك شهر ربيع الأول فلم يأخذ الشهور هذا الأسم في وقت واحد ، بل كان هناك وقت طويل يفرق بين كل تسمية وأخرى .
قيل أن شهر ربيع الأول كان يداوي أمراضًا وعللًا في النفس لا تُداوى في غيره من شهور السنة ، وذلك ببركة ميلاد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
و قال آخرون : جاء في تسميته بهذا الاسم عدة روايات ؛ منها أن العرب كانوا يخصّبون فيه ما أصابوه من أسلاب في صفر ، حيث إن صفرًا كان أول شهور الإغارة على القبائل عقب المحرم – الشهر الحرام .
قيل : بل سُمِّي كذلك لارتِباع الناس والدواب فيه وفي الشهر الذي يليه ( ربيع الآخر ) ، لأن هذين الشهريْن كانا يأتيان في الفصل المسمَّى خريفًا وتسميه العرب ربيعًا ، وتسمي الربيع صيفًا والصيف قيظًا ، وهناك رأي يقول : إن العرب كانت تقسم الشتاء قسمين ، أطلقوا عليهما الربيعيْن : الأول : منهما ربيع الماء والأمطار .
الثاني : ربيع النبات ؛ لأن فيه ينتهي النبات منتهاه ، بل إن الشتاء كله ربيع عند العرب من أجل الندى .
وفي الحقيقة ، كان الربيع عند العرب ربيعيْن : ربيع الشهور ، وربيع الأزمنة فربيع الشهور ، شهران بعد صفر؛ وهما ربيع الأول وربيع الآخر. وأما ربيع الأزمنة، فربيعان : الربيع الأول : وهو الفصل الذي تأتي فيه الكمأة والنَّوْر ، وتطلق عليه العرب ربيع الكلأ ، والثاني : هو الفصل الذي تُدْرَكُ فيه الثمار ، ومنهم من يسميه الربيع الثاني ، ومنهم من يسميه الربيع الأول كسابقه .
من العرب من جعل السنة أربعة أزمنة : الربيع الأول وهو عند عامتهم الخريف ، ثم الشتاء ، ثم الصيف ، وهو الربيع الآخر ، ثم القيْظ ؛ هذا كله قول العرب في البادية ، وكانوا يطلقون على أول مطر يقع بالأرض أيام الخريف ( ربيع ). ويقولون إذا وقع ربيع بالأرض ؛ بعثنا الرُّوّادَ وانتجَعنا مساقطَ الغيث .
وإنما سُمّي فصل الخريف خريفًا لأن الثمار ( تُخْتَرَفُ ) فيه ؛ أيْ تُجْتَنى ؛ وسمته العرب ربيعًا لوقوع أوّل المطر فيه.
نسأل الله تعالى أن يجعله شهرا كريماً مباركاً ببركة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
د . صفاء السويعدي
1 / ربيع الأول / 1446هـ
5 / 9 / 2024 م