وكالة بدر نيوز
٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ | 05 Nov 2024
قوة السيد السيستاني والقيادة الاستراتيجية في حل الأزمات
9 0 2025-10-31

رياض الفرطوسي



تعد القيادة الاستراتيجية عنصرا حاسما في مواجهة الأزمات والتحديات، خاصة في المجتمعات التي تعاني من الانقسامات والتوترات.


ومن بين القيادات التي تركت بصمة بارزة في هذا المجال، يبرز اسم السيد علي السيستاني ، الذي أضحى رمزًا لقوة التأثير الاجتماعي والسياسي في العراق والمنطقة، برغم حياته البسيطة الزاهدة وبعده عن السلطة المباشرة.


يرى العديد من الصحفيين والمحللين الغربيين أن شخصية السيد السيستاني تمثل نموذجا فريدا للقيادة الروحية التي تدمج بين الزهد والقوة المعنوية. فقد أشار الصحفي سكوت بيترسون في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور إلى أن السيد السيستاني، على الرغم من بساطة معيشته وعيشه في بيت مستأجر، فإنه يملك تأثيرا عميقا يمتد إلى ما وراء السياسة والمجتمع العراقي. كما وصفه مايكل هيرش في نيوزويك بأنه "أقوى رجل في العراق"، مؤكدا على قوته رغم بعده عن السياسة التقليدية وأدوات السلطة.


عناصر قوة السيد السيستاني :


تبرز عناصر قوة السيد السيستاني في شخصيته الفريدة وقيادته الرمزية، التي تقوم على الزهد والتعفف عن مظاهر الدنيا. هذه الزعامة الروحية تجعله محط احترام وتقدير من قبل الناس الذين يرون فيه قائدًا متفانيا غير مهتم بالمصالح الشخصية. وبحسب الفلسفة القائلة: "إذا زهدت فيما عند الناس، أحبك الناس"، فإن السيستاني بفضل زُهده وانصرافه عن الدنيا أصبح نموذجا للقائد الحكيم، الذي تهابه النفوس وتحترمه.


تتمثل إحدى نقاط القوة الأساسية للسيد السيستاني في رؤيته الاستراتيجية التي ينظر من خلالها إلى قضايا الأمة بنظرة شمولية تقوم على المساواة والوحدة. فهو يرى أن قوة المسلمين تكمن في وحدتهم وتماسكهم، لا في تفرقهم. هذه الرؤية تتجلى في مواقفه الداعمة للمصالحة والوحدة الوطنية في العراق، والتي سعى من خلالها إلى تجاوز الصراعات الطائفية التي تهدد نسيج المجتمع العراقي.


لم تقتصر رؤية السيد السيستاني الاستراتيجية على الشأن الداخلي للعراق، بل امتدت إلى قضايا الأمة الإسلامية، حيث عبر عن مواقفه الثابتة من القضية الفلسطينية وأبدى دعمه للشعب الفلسطيني في محنته، مشددا على أهمية التضامن العربي والإسلامي معهم. كما أعرب عن مساندته للشعب اللبناني أثناء العدوان الإسرائيلي، مؤكدا على وحدة الموقف الإسلامي والعربي تجاه هذه القضايا العادلة.


نظرا لمكانته الدينية والفقهية الرفيعة، اكتسب السيد السيستاني احتراما واسعا ليس فقط في العراق، بل أيضا في الأوساط الإسلامية والعربية والعالمية. فتأثيره يتعدى الحدود العراقية إلى العالم الإسلامي بأسره، حيث يمثل صوت الحكمة والاعتدال ويقف ضد النزاعات والانقسامات.


وقد تمكن من كسب احترام مختلف التيارات بسبب مواقفه المتزنة ودعواته المستمرة للحوار والسلم الاجتماعي.


يعد السيد علي السيستاني نموذجا فريدا للقيادة الاستراتيجية التي تعتمد على التأثير الروحي والزهد في آنٍ واحد. فهو قائد يحظى بالاحترام لابتعاده عن النزاعات السياسية المباشرة، وتمسكه بالمبادئ السامية التي تنادي بالوحدة والسلام.


ولعل هذه السمات تجعله من أبرز الشخصيات المؤثرة في العصر الحديث، حيث أسهمت رؤيته وحكمته في تحقيق قدر كبير من الاستقرار المجتمعي والتضامن الوطني في العراق، إضافة إلى موقفه الثابت والداعم للقضايا العادلة في العالم الإسلامي.

مقالات ذات صلة
تعليقات